التقاضي بدل العنف- الدفاع عن المقدسات الإسلامية في المحاكم الغربية

المؤلف: بشرى فيصل السباعي09.25.2025
التقاضي بدل العنف- الدفاع عن المقدسات الإسلامية في المحاكم الغربية

في خطوة محمودة، اتخذ المحامي السعودي القدير، عثمان العتيبي، إجراءً حاسماً لمواجهة الإساءات المتكررة للمقدسات الإسلامية، حيث بادر إلى رفع دعوى قضائية في أروقة المحاكم الفرنسية ضد مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية سيئة الصيت، التي دأبت على نشر رسومات كاريكاتورية مستفزة تمس الرموز الإسلامية المقدسة. وقد استعان المحامي العتيبي بفريق رفيع المستوى من المحامين الأوروبيين المتمرسين، عازماً على تصعيد هذه القضية العادلة إلى أقصى مدى، وصولاً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي سبق لها أن أصدرت حكماً تاريخياً في عام 2018، يؤكد بكل وضوح أن إهانة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا تدخل بأي شكل من الأشكال ضمن نطاق حرية التعبير. وفي سياق متصل، أصدرت محكمة سويدية حكماً قضائياً يدين شخصاً بتهمة التطرف، بعد إقدامه على حرق نسخة من القرآن الكريم، معتبرة أن هذا العمل الشنيع يمثل تحريضاً سافراً على الكراهية العرقية والدينية. وهذا يؤكد أنه من الممكن تماماً استصدار قرارات قضائية في الدول الأوروبية تحظر الإساءة إلى المقدسات الإسلامية، باعتبارها جريمة كراهية يعاقب عليها القانون. وهذا تحديداً ما كان يجب أن يتم منذ بداية سلسلة الإساءات المتواصلة للمقدسات الإسلامية. فلو تم اتخاذ مثل هذه الإجراءات القانونية الرادعة في وقت مبكر، لتم تجنب العديد من حوادث القتل المأساوية التي وقعت نتيجة ردود الفعل الغاضبة على تلك الإساءات، والتي أدت إلى تفاقم الوضع وإلى المزيد من التضييق على الإسلام والمسلمين في الغرب. وبالمثل، في قضايا أخرى تهم المسلمين، مثل قضية فلسطين العادلة، نجد حالياً العديد من التكتلات القانونية الغربية التي تعمل بكل جد وإخلاص على ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وتقديمهم للعدالة. وهذا هو المسلك الصحيح الذي يجب اتباعه، بدلاً من القيام بأعمال اعتداء على اليهود في الغرب، الأمر الذي لا يخدم القضية الفلسطينية، بل يدفعهم للهجرة إلى إسرائيل. فالمحاكم الغربية، على الرغم من كل التحديات، يمكن أن تنصف المسلمين في قضاياهم العادلة، واللجوء إليها بدلاً من العنف هو الخيار الوحيد الذي يمكن أن يحقق نتائج إيجابية حقيقية لصالح المسلمين. أما العنف، فإنه لا يولد سوى ردود فعل عكسية تزيد من اضطهاد الإسلام والمسلمين، وتستعدي عليهم الغرب. وتقع مسؤولية كبيرة على عاتق المحامين المسلمين لتقاعسهم عن تبني الدفاع عن قضايا المسلمين في المحاكم الغربية، مما أوجد شعوراً لدى المسلمين العاديين بأنه لا توجد وسيلة للرد على الإساءات التي يتعرضون لها سوى بالعنف والإرهاب. ولكن، من باب الإنصاف، يجب الاعتراف بأن رفع القضايا في المحاكم الغربية أمر مكلف مادياً، ولا يستطيعه الأفراد بمفردهم، بل يتطلب وجود تكتل قوي قادر على تمويل النفقات الباهظة للتقاضي في هذه المحاكم. وهنا يأتي الدور المحوري للأثرياء والحكومات في تمويل رفع القضايا في المحاكم الغربية، وتحويل التقاضي إلى نمط سائد في ردود أفعال المسلمين، بديلاً عن ردات الأفعال العنيفة والإرهابية التي تسيء للإسلام والمسلمين، وتستجلب عليهم ردات الأفعال الانتقامية والاضطهاد. فالمشكلة الكبرى التي تواجه المسلمين هي أنهم ما زالوا ينظرون للأمور من خارج منظومة العالم الحديث ومؤسساته، ولذا تكون ردات أفعالهم خارجة عن مؤسسات العالم الحديث، وتتصادم معها، بدلاً من أن تسخرها لخدمة مصالحها وقضاياها. يذكر أن سبع جمعيات إسلامية في الدانمارك كانت قد تقدمت بشكوى أمام المحكمة العليا الدانماركية للمطالبة بمحاكمة المسؤولين عن صحيفة "يلاندزبوستن" التي نشرت رسوماً كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. كما نظرت المحكمة الفرنسية في دعوى أقامها مسجد باريس الكبير واتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا ضد صحيفة "شارلي إبدو" الأسبوعية الفرنسية لإعادة نشرها الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم. وفي سياق متصل، أعلن المحامي السعودي فيصل أحمد زكي اليماني عن عزمه رفع دعوى قضائية على 15 صحيفة دانمركية بسبب إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، باسم 8 جمعيات في 8 دول هي مصر، وليبيا، وقطر، والأردن، والسعودية، ولبنان، والأراضي الفلسطينية، وأستراليا، تمثل نحو 95 ألف شخص من آل البيت، و"نقابة السادة الأشراف"، والتي تضم نحو 70 ألف عضو. وتجاوباً مع هذه القضية، قدمت إحدى الصحف اعتذاراً رسمياً للمسلمين، وقامت بتسوية مالية مع رافعي القضية.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة